من أسباب استمرار الحرب على غزة، غياب الاتفاق حول اليوم التالي للحرب، فهذا الأمر يُعد أساسياً في الحروب التي تبدأ لتحقيق أهداف معينة، وعندما تفشل الاهداف يصبح الخروج منها أصعب بكثير، وهو ما يجري مع الحكومة الاسرائيلية التي لم تحقق أهدافها التي وضعتها بداية الحرب، ولا تعلم كيفية إنهائها.

"اليوم التالي في غزة"، هذا هو العنوان الأساسي الذي أوقع الخلاف بين الاسرائيليين والاميركيين، وبين الأميركيين وبعض الدول العربية، فالبحث عن إجابة حول السؤال عن اليوم التالي للحرب على غزة لا يزال قائماً، رغم أن اللاعبين كثر، والمقترحات عديدة، ولكن لا يوجد أي اتفاق بعد حول تفاصيل ذلك اليوم.

الأسبوع الماضي شهدت أبو ظبي اجتماعاً، كان سرياً، بين الاسرائيليين والإماراتيين والأميركيين، للتباحث بخطة اليوم التالي للحرب، وذلك على وقع المطالبات التي تطلقها المعارضة الاسرائيلية بضرورة إيجاد إطار سياسي لما بعد الحرب، فبالنسبة الى اسرائيل يتعلق الأمر بهوية من يحكم غزة، وكيف يحكمها، وحجم التأثير الاسرائيلي على هوية من يحكم.

تسعى تل أبيب بداية وقبل كل شيء ألا يكون لحركة حماس أي وجود في إدارة غزة بعد الحرب، ويبدو بحسب مصادر متابعة أن بعض العرب أيضاً يتمنون حصول نفس الشيء، ولكن كلما تقدم عمر العمليات العسكرية كلما اقتنع الجميع بأن إنهاء حركة حماس هو أمر مستحيل، ولكن لأجل الواقعية أيضاً، فإن عودة الأمور في غزة الى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الاول الماضي تبدو مستحيلة أيضاً، أي أنه من الصعوبة بمكان عودة الحركة الى إدارة القطاع بشكل كامل وشامل.

بالنسبة لليوم التالي في غزة فإن الإمارات ترى أن نشر قوات دولية موقتة هو أمر ممكن، وهي مستعدة لتكون جزءاً منها بحال تحققت عدة شروط، أبرزها أن تكون القوة الدولية قد حصلت على دعوة رسمية فلسطينية للعمل، وإجراء اصلاحات في السلطة الفلسطينية الحالية على رأسها تعيين رئيس للحكومة يتمتع بالاستقلالية ويكون مسموحاً له أن يعمل بعيداً عن تأثير وسلطة الرئاسة الفلسطينية الحالية، والبدء بالمسار السياسي لحل الدولتين.

لا تستسيغ حماس إطلاقاً فكرة "القوات الدولية" في غزة، وهي عبرت مراراً عن رأيها بشأن اعتبار هكذا قوة جزءاً من احتلال القطاع، وبالتالي تبحث الحركة عن طريقة لإدارة القطاع بعد الحرب، تشبه الى حدّ بعيد ما قام به حزب الله في لبنان بعد حرب تموز عام 2006، ومن هنا يمكن البدء بقراءة الاتفاق الفلسطيني–الفلسطيني في بكين.

تُشير المصادر الى أن الحركة ترى أن تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الحل الامثل لقطع الطريق أمام كل المقترحات الاخرى، فهكذا تكون قد قدمت تنازلات حول حكم غزة، واستمرت بالإدارة من جهة أخرى ولو من خلال حكومة تكنوقراط تمثل الجميع، مع العلم أن هذا الخيار إن حظي بإجماع فلسطيني فسيكون من الصعب معارضته، من الدول العربية تحديداً.